البحث العلمي هو السمة الأساسية لتطوير المجتمعات وتقدمها، ويقاس مدى تقدم الدول بما تقدمه في هذا المضمار من إنجازات على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية ، فضلاً عما يقدمه البحث العلمي من دور في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي دراسة أجريت عام 2022 من قبل مركز أبحاث منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة لمنظمة الأبحاث الإسبانية "سيماجو"شملت 391 مركزا بحثيا يمثلون 22 دولة فى المنطقة ، جاء فيها أن هناك 9 معاهد بحثية مصرية هي من بين أفضل 20 مؤسسة في المنطقة، وجاء المركز القومي للبحوث في المرتبة الأولى على مستوى المنطقة.واستند التصنيف إلى ثلاثة مؤشرات رئيسية: البحث والابتكار والتأثير المجتمعي.
وبرغم تلك الأهمية ، نجد أن هناك عدة تحديات تجابه البحث العلمي وبالأخص بالمنطقة العربية، ومن بين تلك التحديات والمعوقات، معوقات بشرية تتعلق بقلة عدد الباحثين وضعف كفاءة البعض منهم، ومعوقات مالية تتعلق بمحدودية التمويل وإنخفاض الميزانيات المخصصة من قبل بعض الدول للبحث العلمي .هذا بخلاف لإفتقاد التعاون بين المراكز البحثية ، وعدم وجود قاعدة معلوماتية بالمراكز البحثية.
ويعتبر العمل العلمي البحثي وإثرائه من أولى أهداف تأسيس مركز سيف بن هلال لدراسات وأبحاث علوم الطاقة – الذراع البحثي للوكالة الدولية لأمن الطاقة- والذي تأسس في أكتوبر 2022 ، وإنطلاقًا من إدارك المركز لمدى أهمية التعاون البحثى بين المراكز البحثية ذات الإختصاصات والإهتمامات المختلفة، عقد المركز مائدة مستديرة تحت عنوان " التعاون البحثي في قضايا ومجالات أمن الطاقة و البيئة...الأولويات و الأليات" بجمهورية مصر العربية في شهر ديسمبر 2023 . وشارك في فعاليات المائدة العديد من ممثلي مراكز البحوث المعنية بالطاقة سواء كانت تلك المراكز مستقلة ، أو داخل الجامعات المصرية ، فضلاً عن عدد من ممثلي السفارات الأفريقية بالقاهرة، وممثلي لجنتي الطاقة والبيئة بالجامعة العربية .
وتوصل المشاركون بالمائدة المستديرة إلي عدد من التوصيات المهمة، سواء فيما يتعلق بدعم البحث العلمي بدول المنطقة، أو دعم علاقات التعاون والتشبيك بين المراكز البحثية المختلفة ، سواء داخل المنطقة العربية أو خارجها.
ومن بين أهم التوصيات التي خلصت إليها المائدة المستديرة تأسيس شبكة للتعاون البحثي المشترك ، مهمتهــا التنســيق بيــن المراكــز البحثيــة المعنيــة بالموضوعــات والقضايـا المختلفـة، وبالأخص فـي مجالـي الطاقـة والبيئـة، سـواء كانـت داخـل مصـر أو خارجهـا، و يتبـع هـذه الشـبكة لجـان ومجموعـات عمـل متخصصـة، وأخذت مسـمى “الشـبكة العالميـة للمعرفة والتعـاون البحثـي "
وسيعمل مركز سيف بن هلال لدراسات وأبحاث علوم الطاقة خلال الفترة المقبلة على تعزيز آليات عمل الشبكة على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية ، وذلك فيما يخص قضايا الطاقة وأبعادها المختلفة .
وستعمل الشبكة العالميـة للمعرفة والتعـاون البحثـي على تشجيع ونشر ثقافة البحث العلمي في المنطقة العربية تحديدًا، والعالم بأسره أيضًا، وتبادل الخبرات والمعرفة بين الباحثين العرب والأجانب، وتعزيز أواصر التعاون والتشبيك البحثي بين المراكز البحثية ذات الاختصاصات والمجالات المختلفة، سواء في المنطقة العربية أو خارجها، وتشجيع القطاع الخاص على المساهمة في تمويل الأبحاث العلمية المتخصصة، ووضع الحوافز اللازمة لذلك، وكذلك محاولة إيجاد حلولاً اللتحديات والإشكاليات التي تجابه العمل البحثي، سواء كانت تحديات بشرية أو مادية أو تحديات تتعلق بالبيئة المحيطة بالعمل البحثي، وأهمية العمل على تذليل كافة تلك التحديات؛ نظرًا لكون البحث العلميّ هو أساس تطوّر الأمم وازدهارها؛ وبالتالي تقدّم الشعوب؛ لذلك لا بدّ من مواجهة هذه التحدّيات، والمعوّقات للإرتقاء بمستوى الشعوب العربيّة.