نشرت دورين ريمين، المدير المالي، معهد المحاسبين الإداريين، مقالا لرصد كيفية تأقلم المؤسسات الاقتصادية في الوقت اجتياح فيرس كورونا العالم والذي أطاح بالعديد من المؤسسات المالية والاقتصادية حول العالم، استناداً إلى تقرير تخطيط الشركات الصغيرة خلال وباء كوفيد-19 الصادر عن "معهد المحاسبين الإداريين"
وقالت دورين ريمين، ساهمت التكنولوجيا في إحداث نقلة نوعية بطريقة عمل الوظائف المالية وتحليلات البيانات والرقميات ومنصات الأجهزة المتحركة، وبالتالي تغيير طريقة تفكير الخبراء الماليين تجاه وظائفهم.
وطرحت ريمين، سؤالا : أولا باعتبارك مديراً مالياً، كيف نجحتم بالتأقلم مع هذه التغييرات؟
تشهد التكنولوجيا تطوراً متسارعاً يسهم في إحداث نقلة نوعية في الشركات ويوفر للمدراء الماليين القدرة على تنفيذ وتنسيق العمليات المالية بأسلوب جديد، إضافة إلى توجيه رؤى الأعمال عبر التحليلات والبيانات الضخمة. لكن هذا التغيير يفرض على المدراء الماليين ضغوطات إضافية للارتقاء بوظائفهم المالية وتقديم خدمات أفضل للأعمال دون أية زيادة في التكلفة.
والخبراء الماليين والمحاسبين بوسعهم لعب دور محوري في التحقق من الاستراتيجيات وتطبيقها، نظراً لأن بيئة العمل تشهد مستويات متسارعة من التعقيد والتغيير، وتستدعي بالتالي مزيداً من المهارات التحليلية التي يتمتع بها المدراء الماليين.
وتابعت، يتعين على المدراء الماليين تعزيز قدرات فرق عملهم لإدارة البيانات الضخمة في سبيل فهم مخاطر الأعمال وتأثير المشاريع الجديدة على مؤسساتهم. فالمهارات المالية الجديدة المطلوبة في سوق العمل ترتكز على علوم البيانات، والمهارات التحليلية في الاستقراء والتوصيف وشراكات الأعمال، ويعني هذا حالياً إتقان التحول الرقمي، ويتطلب مستقبلاً توظيف قدرات الذكاء الاصطناعي والروبوتات للعمل إلى جانب فرق الإدارة المالية.
ثانيا : كيف تتوقعون للواقع الجديد بعد كوفيد-19 أن يؤثر على مهنة الشؤون المالية؟ ما هي التحديات أو الفرص التي قد يضعها أمام المدراء الماليين و فرق عملهم؟
لطالما استندت مهنة الشؤون المالية إلى الحقائق الفنية والوظائف التشغيلية والتدفق المنطقي للمعلومات، لكن الواقع الجديد يحمل معه الكثير من التحديات والفرص في عالم الوظائف المالية والمحاسبة.
ومن التأثيرات التي يحملها الواقع الجديد لمهنة الشؤون المالية، الحاجة المتزايدة للاستثمار في التكنولوجيا والتركيز على البحوث، فأدوار العاملين في قطاع المالية لم تتغير لكننا بحاجة ماسة للتكيف مع السبل الجديدة في التواصل والعمل نظراً لطبيعة العمل عن بعد. أضف إلى ذلك أن التأقلم مع الأطر الاقتصادية الجديدة لتحقيق الاستدامة يعد أيضاً من أبرز التغيرات التي طرأت على الأعمال.
ونظراً لأن أدوارهم تشمل جميع أنحاء الشركة، يعمل المدراء الماليين بالتعاون مع الأقسام الأخرى ويقومون بوظائف متنوعة ويلعبون دوراً رئيسياً في دعم إدارة الأداء والاستراتيجيات التقنية وتنمية المهارات.
ثالثا : كيّف تقيّمون تأقلم المدراء الماليين مع هذا التحول؟ وهل تعترضهم أية تحديات؟
يلعب مدراء المالية دوراً محورياً في دفع عجلة التغيير ضمن الشركات، وقد شهدت سلسلة المهام التي تتبع للمدير المالي تغييراً جذرياً، كما أن تحديات العولمة تفرض على مدراء المالية الحاجة إلى تطوير قسم مالي يعمل بكفاءة على المستوى العالمي ويدعم التنوع. ففيما مضى، كانت المهام المالية المحددة معزولة ضمن أقسامها فقط لكنها اليوم تشمل جميع أقسام الشركة بدءاً من الموارد البشرية إلى أقسام الإدارة والتكنولوجيا، لتتغير مهامها وتتحول بالتالي إلى أقسام متعددة الوظائف. ويتميز هذا التحول بطابع استباقي وعضوي، نظراً للفهم الذي يمتلكه خبراء التخصصات المالية والمحاسبية متعددة الفروع حول كيفية ترابط جوانب الأعمال ببعضها البعض في نهاية المطاف.
وتأتي وظائف المدراء الماليين في مقدمة مسيرة الرقمنة، كما تساعد في خلق القيمة المتميزة عبر القيادة الاستراتيجية، وقد شهدت أدوارهم تحولاً تدريجياً لتحتل موقعاً مركزياً أكبر وتكتسب طابعاً استراتيجياً أكثر.
رابعا : بصفتكِ مديراً مالياً، كيف تقومين بمراجعة ارتجال نموذجك المالي لمواكبة الأزمة الحالية؟
ساهم وباء كوفيد-19 في تعزيز أهمية تقييم الأوضاع لتعديل النموذج المالي بما يتيح بناء أعمال أقوى وأكثر قدرة على الصمود في وجه تحديات الزمن، إضافة إلى أن السيولة النقدية تستحق أيضاً اهتماماً خاصاً. وفيما يلي خمس نصائح رئيسية للمؤسسات لتجاوز هذه الفترة العصيبة:
- اعتبارات السيولة النقدية
فهم الاحتياجات النقدية ورأس المال العامل هو الخطوة الأولى والأكثر أهمية لفهم استراتيجيات إدارة السيولة النقدية. ولهذا أنصح بتقييم وضع السيولة المالية لفترات زمنية متعددة مثل: 60 يوماً، و 90يوماً، و6 أشهر. وقد تتطلب كل واحدة من هذه الفترات مزيداً من الدراسة للسيناريوهات المختلفة.
- توثيق المدفوعات المتوقعة
يعد توثيق كافة المدفوعات من أهم الخطوات الأولى للحصول على الصورة الكاملة، ويشمل ذلك تقييم الإيرادات والنفقات والسيولة المالية خلال الإطار الزمني الذي تعملون على إدارته.
- تطبيق قاعدة 80/20
بعد تقييم الوضع الرهن، أنصح بتحديد نسبة قدرها 20% من العملاء الذين يقفون 80% من الأرباح والتركيز على تحصيل منهم بقدر الإمكان. ثم تخصيص الأولوية للعلاقات الحالية وطويلة الأمد بدلاً من العلاقات الجديدة، فهؤلاء هم العملاء الأكثر قدرة على فهمكم واستعداداً للعمل معكم.
- فكرة خصم الديون
إذا كانت المبالغ المترتبة على عملائكم كبيرة، قد يكون خصم الديون خياراً جيداً. وإذا اخترتم هذا البديل، عليكم التأكد من فهم شروط أي اتفاقية ليتسنى لكم تقدير هذه التكاليف على توقعاتكم المتعلقة بالسيولة النقدية.
- التكاليف التشغيلية
تواصلوا مع الموردين واطلبوا تمديد فترات المدفوعات.
خامسا : هل شاركتنا ببعض النصائح التي تساعد خبراء المالية والمحاسبة على ترقية مهاراتهم لتسريع مسيرتهم المهنية ؟
نشهد اليوم تركيزاً أكبر على تداعيات الصحة العامة بسبب وباء كوفيد-19، وليست التداعيات على الكوادر البشرية والجوانب الاجتماعية بأقل أهمية من ذلك. فقد طالت هذه التأثيرات الشركات في مختلف القطاعات، ويمكن للنظام الاقتصادي الجديد أن يؤثر على ديناميكيات السوق ليؤدي إلى تفاقم التحديات غير المتوقعة. ولمواجهة هذه الأوضاع، يتعين على خبراء المالية والحسابات إدراك الأهمية غير المسبوقة لإعادة صقل مهاراتهم وتطويرها، وهناك حالياً العديد من المنصات التعليمية والتدريبية حول العالم التي تتيح الوصول مجاناً إلى مواردها ليتسنى للعاملين في هذا المجال الاستفادة منها لتحسين معارفهم ومهاراتهم.
وعلاوة على هذه الموارد، يمكن لصقل المهارات وتحسينها أن يسهم في بناء فرق عمل أكثر مرونة وقدرة على تأدية الوظائف المتعددة. وسواء على الصعيد الفردي أو المؤسساتي، يتوقع لجهود صقل المهارات وتزويد الموظفين بالمهارات الجديدة أن تصبح بمثابة وسيلة رئيسية لاكتساب المعارف والمهارات اللازمة للخروج من الأزمة الحالية.
وأضافت، إلى ذلك أن تطبيق منهجية مؤسسية تدريبية سيسهم بدور محوري في الاحتفاظ بالموظفين، وليس فقط ضمان استمرارية الأعمال.