دعا مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، كافة الدول الأعضاء إلى تعزيز إحياء فعاليات اليوم العربي للشمول المالي وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية فيه، ذلك بتنفيذ الفعاليات والأنشطة التي تعمل على تعزيز المعرفة بالشمول المالي وأهدافه.
وأكد الدكتور عبدالرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، على أهمية ودور الشمول المالي في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تؤثر على النمو الاقتصادي، ذلك من خلال حشد الموارد لزيادة معدلات الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة.
وأشاد الحميدي، بالاهتمام المتزايد الذي باتت تحظى به القضايا المتعلقة بتعزيز الشمول المالي من قبل صانعي السياسات في الدول العربية، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على مواجهة تحديات الفقر والبطالة وإرساء العدالة الاجتماعية.
وأشار إلى جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، من حيث الحرص على مواصلة إيلاء قضايا تحسين الشمول المالي والوصول إلى الخدمات المالية ذات الجودة والتكاليف المقبولة، ومنحها الأهمية والأولوية المناسبتين في إطار السياسات الاقتصادية المتخذة، ونشر ثقافة التمويل المسؤول في العمل المصرفي.
وامتدت جهود المضارف المركزي إلى الاستفادة من التقنيات المالية الحديثة في تقديم الخدمات المالية، وتطوير التشريعات والأنظمة والأطر الرقابية التي تساعد على تحسين انتشار الخدمات المالية والمصرفية وتشجيع الابتكار في هذا المجال، إضافة لمتابعة مساعي الارتقاء بأنظمة البنية التحتية السليمة للنظام المالي والمصرفي وتشجيع تطور وتوسع الخدمات المالية غير المصرفية، إلى جانب تطوير السياسات والبرامج التي تعزز الشفافية في المعاملات المالية والمصرفية، بحسب الحميدي.
ونوّه الحميدي، بمنصة “بنى” للمدفوعات العربية التي استكمل إنشاءها صندوق النقد العربي مؤخراً، ودورها في تقديم خدمات مبتكرة وفقاً للمعايير الدولية وأحدث الممارسات والتقنيات، متطلعاً لدور المنصة في تشجيع تطوير الخدمات المالية الرقمية في المنطقة العربية وربط الدول العربية بالشركاء التجاريين.
ويحظى تعزيز الوصول إلى التمويل والخدمات المالية في الدول العربية باهتمام كبير من قبل مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إدراكاً منه للفرص الكامنة والكبيرة التي يمكن تحقيقها من خلال تعزيز الشمول المالي لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة ومواجهة تحديات البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وقال المجلس في بيان اليوم الثلاثاء، إنه لا شك في أن التطورات الحالية والتداعيات السلبية لانتشار جائحة كورونا أبرزت بوضوح الأهمية الكبيرة لتوظيف التقنيات الحديثة لأغراض الشمول المالي، وضرورة تعزيز الخدمات المالية الرقمية وتوعية مستخدميها. لقد عززت الجائحة الطلب على الخدمات المالية الرقمية، وجعلت الحاجة إلى تسريع التحول الرقمي وتحسين الخدمات المالية الرقمية أمراً بالغ الأهمية في السياسات الاقتصادية في المنطقة العربية.
وأضاف أن الإحصاءات المتاحة تُبرز الفرص الكبيرة الكامنة في تطوير الخدمات الرقمية، إذ أن ما يقارب 85% من البالغين في المنطقة العربية لديهم هاتف محمول، و48% لديهم هاتف محمول ويمكنهم في نفس الوقت النفاذ إلى الشبكة الإلكترونية، و7% لديهم حسابات الأموال عبر الهاتف المحمول، ونحو 33% أرسلوا أو تلقوا مدفوعات رقمية في العام السابق، مقارنة بـنحو 44% على مستوى العالم.
في هذا السياق، بادر مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في عام 2016، في ضوء الحاجة المتزايدة لتكثيف الوعي بأهمية الشمول المالي ومحاوره لدى كافة الأطراف في الدول العربية، إلى اعتماد يوم 27 أبريل من كل عام كيوم عربي للشمول المالي، يُحتفل به هذا العام تحت شعار “دور التحول الرقمي في تعزيز الشمول المالي”.
وأكد المجلس على دعم جهود المجتمع الدولي في تعزيز الشمول المالي، وفي مقدمته جهود مجموعة العشرين (G20) التي تبنت محور الشمول المالي كأحد المحاور الرئيسة لدعم أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار المالي.
كما نوه بحرصه على إيلاء قضايا الشمول المالي في الدول العربية الأهمية التي تستحقها، حيث بارك المجلس قيام صندوق النقد العربي بالتعاون مع عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية، بإطلاق المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية، بهدف تمكين وتعزيز القدرات والإمكانيات لتذليل العقبات التي تعترض الارتقاء بمؤشرات الشمول المالي في الدول العربية.
وثمن المجلس، ما تتضمنه المبادرة من أنشطة تركز على التحول المالي الرقمي. وإذ يدعو المجلس المؤسسات الشريكة في المبادرة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لدعم توظيف التقنيات الحديثة في تعزيز وصول الشباب والمرأة والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى الخدمات المالية.
ورحب المجلس بالوثيقة الإرشادية للتحول المالي الرقمي في المنطقة العربية الصادرة عن المبادرة في سبتمبر2020، كخارطة طريق للمساعدة في وضع سياسات وخطط عمل من أجل ابتكار تقنيات مالية شاملة وآمنة.
وأوضح أن تلك الوثيقة ترتكز على عددٍ من الأهداف الأساسية، المتمثلة في تعزيز الوصول، وتوسيع نطاق الاستخدام والجودة، وتناقش الأطر المختلفة لدعم التحول إلى التمويل الرقمي، بما في ذلك المختبرات التنظيمية للتقنيات المالية الحديثة، وحماية المستهلك والتثقيف المالي، والبنية التحتية المالية والتقنية، والمنافسة، والبيانات والأمن السيبراني، والمراقبة والتعاون. في هذا الصدد، وجب التنويه بالخطوات والإجراءات المتخذة من قبل الدول العربية في سبيل النهوض بالثقافة المالية خصوصاً الرقمية منها.
وأشار إلى إمكانية عمل الدول العربية على تطوير وتكامل خطط العمل القُطرية التي تساهم في التحول الرقمي للأنظمة المالية ودعم التنمية الاقتصادية لتحقيق النمو المستدام والتخفيف من حدة الفقر.
كما أكد المجلس مجدداً على ضرورة إدماج كافة فئات المجتمع وشرائحه في النظام المالي الرسمي خاصة منهم الشباب والمرأة ورواد الأعمال وقطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، للاستفادة من التقنيات ومتابعة جهود رفع مستوى الوعي لدى كافة هذه الفئات وحماية حقوقهم المالية وتحسين معرفتهم بالأمور المالية الرقمية، بما يمكنهم من اتخاذ القرارات السليمة.
وأفاد في هذا الإطار، بإمكانية مساهمة وزارات التربية والتعليم والثقافة والتعليم العالي في الدول العربية، في تعزيز الجهود المتمثلة في نشر وتعميق التعليم والتثقيف المالي الرقمي.
ونوّه المجلس بدور مجموعة العمل الإقليمية للتقنيات المالية الحديثة التي أطلقها صندوق النقد العربي في تبادل الخبرات والمعرفة حول قضايا التقنيات المالية الحديثة وبلورة الرؤى المختلفة لتنشيطها وتنظيمها في الدول العربية.
وأشار إلى أن الصندوق أصدر خلال عام 2020 عدداً من الأدلة والمبادئ الإرشادية التي تعزز إدراك متطلبات التحول الرقمي، وتحديداً الوثيقة الإرشادية حول الهوية الرقمية وأعرف عميلك الإلكترونية، ومبادئ بناء استراتيجيات وطنية للتقنيات المالية الحديثة، إضافة للوثيقة الصادرة مؤخراً حول العمليات المصرفية المفتوحة.
ولفت إلى إمكانية تبني الدول العربية ما جاء في هذه الأدلة من إرشادات في إطار الاحتياجات والإجراءات لدى كل دولة.
وثمّن المجلس الاهتمام المتزايد بمواضيع التقنيات المالية الحديثة في برامج أنشطة فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية، ودوره من خلال تطوير السياسات والإجراءات المتعلقة بتعزيز الشمول المالي، ودراسة سبل الارتقاء بمؤشرات الشمول المالي، والعمل على مساعدة الدول العربية على تطبيق المعايير والمبادئ الدولية ذات العلاقة، وتعزيز التعاون بين مختلف المؤسسات والجهات الوطنية المعنية بقضايا الشمول المالي وبينها وبين المؤسسات الدولية ذات العلاقة.
وأعرب المجلس عن تطلعه إلى مواصلة تحسين مؤشرات الشمول المالي، حيث أن الإحصاءات الأخيرة تعكس الجهود التي بذلتها الدول العربية في تعزيز الوصول للخدمات المالية، إذ تشير إلى أن نسبة السكان البالغين في الدول العربية الذين تتوفر لهم فرص الوصول للخدمات المالية والتمويلية الرسمية، قد ارتفعت في المتوسط إلى 37%، و 26% بالنسبة للنساء، و 28% على صعيد الفئات محدودة الدخل.
وأضاف أنه على الرغم من أن هذه الأرقام تخفي تفاوت في هذا الشأن بين الدول العربية، إلا أنها لا تزال تبرز الفرص الكبيرة الكامنة – خاصة للمؤسسات المالية والمصرفية الخاصة – التي يمكن استغلالها لتعزيز الوصول للخدمات المالية في المجتمعات العربية. في هذا السياق، وجب التنويه بجهود الدول العربية التي قامت بتطبيق النموذج الشامل للمسوحات الإحصائية، والتأكيد على أهمية متابعة تطبيقه من بقية الدول، بما يساعد على الارتقاء بجودة مؤشرات الشمول المالي وفقاً لأوضاع كل دولة.