شاركت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية كمتحدث رئيس في المؤتمر الوزاري لمبادرة الحوكمة والقدرة التنافسية من أجل التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية MENA-OECD وذلك في الجلسة الأولى للمؤتمر، والتي جاءت بعنوان "نموذج نمو جديد للتعافي بعد جائحة كورونا: حوكمة استثمارات الغد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وخلال كلمتها أكدت الدكتورة هالة السعيد أن نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي أطلقته الحكومة المصرية في 2016 والذي ارتكز على سياسات مالية ونقدية جيدة التنسيق بالإضافة إلى إصلاحات مؤسسية وتشريعية، هو ما ساعد مصر في مواجهة جائحة كوفيد-19 واتخاذ الدولة لعدد من السياسات لمواجهة الجائحة منها دعم العمالة غيرالمنتظمة، ومساندة القطاعات الأكثر تضررًا، وهو ما أدى إلى تقليص الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية الناجمة عن الوباء.
وأشارت السعيد إلى عزم الدولة على المضي قدمًا لاستكمال مسيرة الإصلاح والتنمية الشاملة والمستدامة، والذي يشمل تنفيذ إصلاحات هيكلية بهدف تنويع هيكل الاقتصاد المصري وزيادة مرونته ورفع قدرته على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية.
أضافت السعيد أن هذه الإصلاحات تتمحور حول تنويع وتطوير أنماط الإنتاج، وتحسين مناخ وبيئة الأعمال والاستثمار من أجل تعزيز دور القطاع الخاص، والنهوض بالتعليم الفني والتدريب المهني، مع إرساء أسس الاقتصاد المُنتج القائم على المعرفة، مشيرة إلى أهمية أن تشمل هذه الإصلاحات كل محافظات الجمهورية، مؤكدة على العمل من أجل توطين أهداف التنمية المستدامة داخل مختلف المحافظات ومراعاة الميزة التنافسية لكل محافظة.
تابعت السعيد أن هذه الإصلاحات والتدابير يتم فيها اتباع النهج التشاركي بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والخبراء والأكاديميين؛ وذلك بهدف ضمان شمول البرنامج الإصلاحي لكل الأطراف، ومن أجل العمل على كشف المعوقات الهيكلية الحالية، وتحديد المجالات الدقيقة للإصلاحات للوصول إلى أهداف ومؤشرات أداء محددة.
وأوضحت الدكتورة هالة السعيد أنه في إطار العمل على تشجيع الشراكة مع القطاع الخاص؛ أنشات الدولة صندوق مصر السيادي بهدف الاستغلال الأمثل لأصول وموارد الدولة لتعظيم قيمتها وإعطاء دفعة قوية للتنمية والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، مشيرة إلى أن الصندوق يأتي كآلية للتعاون بين القطاع العام والخاص وتشجيع الاستثمار المشترك مع الشركاء المحليين والأجانب من أجل خلق فرص عمل للشباب في مصر، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ولفتت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى أن جائحة كوفيد-19 أفرزت الحاجة إلى تعزيز المرونة وإعادة ترتيب الأولويات، مشيرة إلى قيام الدولة المصرية بزيادة الاستثمارات في القطاعات ذات المرونة القادرة على الصمود أمام الأزمات، حيث تركز الخطة الاستثمارية بشكل كبير على رأس المال البشري، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم بالإضافة إلى توسيع شبكات الأمان الاجتماعي، لافتة إلى زيادة استثمارات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسبة 300% لدعم عملية التحول الرقمي.
كما أشارت الدكتورة هالة السعيد إلى أهمية التحول للاقتصاد الأخضر والذي يمثل أولوية قصوى لمصر، مشيرة إلى أن إصلاحات تسعير الوقود، والاستثمارات في مجمعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومشاريع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين إلى غاز طبيعي بالإضافة إلى التحول نحو النقل العام الذي يعمل بالكهرباء، كلها تهدف إلى تعزيز النمو المستدام وخلق المزيد من الوظائف اللائقة.
وأكدت السعيد استهداف مضاعفة الاستثمارات العامة الخضراء، لتصل إلى 30٪ في 2021/2022 ثم 50٪ على مدى السنوات الثلاث المقبلة (2024/2025)، لافتة إلي إطلاق مصر أول سنداتها الخضراء لتصبح بذلك أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصدر سندات خضراء.
وحول دعم وتمكين المرأة المصرية قالت السعيد إن مصر اتخذت خطوات غير مسبوقة للتأكيد على دعم تمكين المرأة والنهوض بحقوقها وإبراز الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة المصرية في تنمية الاقتصاد، مؤكدة أن المرأة أصبحت شريكة فاعلة على المستوى التنفيذي من خلال شغل مناصب قيادية في الجهاز الإداري للدولة، وأن وجود النساء في مناصب قوية يضمن إدخال منظور المساواة بين الجنسين في صنع السياسات.
وأكدت الدكتورة هالة السعيد أن التنفيذ الناجح للإصلاحات يتطلب التزامًا قويًا وتضامنًا بين جميع أصحاب المصلحة من حكومات وقطاع خاص ومجتمع مدني، وذلك من خلال التنسيق المستمر والتواصل الفعال، مشيرة إلى أهمية تحقيق النمو الاقتصادي السريع على أن يكون هذا النمو شامل ومتوازن، وينعكس ذلك من خلال جهود الحكومة المصرية لتوطين أهداف التنمية المستدامة في المحافظات، لافتة إلى مبادرة "حياة كريمة" لمساعدة القرى الأكثر احتياجًا، وتحسين مستويات المعيشة لسكانها والتي تضم المرحلة الجديدة لها تطوير 1500 قرية من أجل توفير الخدمات المختلفة لأهالي تلك القرى.
في ختام كلمتها أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أنه من أجل التعافي المستدام بعد جائحة كورونا، يجب على الحكومات العمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص من أجل تحسين مناخ الأعمال من خلال إصلاحات جريئة تهدف إلى التغلب على التحديات المؤسسية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصادات.
ويأتي المؤتمر الوزاري لمبادرة الحوكمة التنافسية هذا العام تحت عنوان "تصميم خارطة طريق للتعافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، حيث يهدف إلى مناقشة السياسات التي تركز على المواطن، وتعزز النمو الشامل والصمود والقدرة على مواجهة الأزمات وسبل التعافي والدعم متعدد الأطراف للسياسات الوطنية، بالإضافة إلى تصميم المبادرات المشتركة لمساعدة المنطقة على بناء اقتصادات أكثر فعالية بعد جائحة كورونا.