في ضوء الاختلالات التي تعرضت لها الشبكات البحرية جراء وباء «كوفيد - 19»، استضاف «الاتحاد من أجل المتوسط» و«رابطة موانئ البحر المتوسط» ندوة عبر الإنترنت مع الشركاء القطاعيين الرئيسيين لمناقشة كيفية تعزيز استدامة الموانئ ومرونتها والنقل البحري في منطقة البحر الأبيض المتوسط طوال فترة تفشي جائحة كورونا وما بعدها.
وشهد الاجتماع الافتراضي الذي عقد مساء الأربعاء مشاركة الرابطة الدولية للموانئ والمرافئ (IAPH)، والمنتدى الدولي للنقل (ITF) التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والمعهد العالي في الاقتصاد البحري (ISEMAR)، والمنظمة البحرية الدولية (IMO)، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، والمفوضية الأوروبية، بالإضافة إلى سلطات الموانئ من منطقة البحر الأبيض المتوسط ومناطق أخرى في جميع أنحاء العالم.
وأوضح المجتمعون في بيان أن «البحر الأبيض المتوسط ظل طريقاً بحرياً وتجارياً مهماً لآلاف السنين وحتى اليوم، فنجد به 87 ميناء بأحجام ومزايا مختلفة لخدمة الأسواق المحلية والإقليمية والدولية. وأظهرت جائحة كوفيد - 19 ضعف الشبكات البحرية وكفاءة الموانئ وتأثر المناطق الداخلية في البحر الأبيض المتوسط بحالات الأزمات. ولدعم نشاط سلاسل التوريد الدولية، لا بد أن تركز الصناعة البحرية على بناء الاستدامة والمرونة، بما في ذلك لمواجهة الكوارث البيئية والأوبئة مثل كوفيد - 19. وكذلك على تحسين الكفاءة والعمليات لضمان الاستمرارية والتنافسية على الصعيد العالمي».
ورأى الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، ناصر كامل أن «الصناعة البحرية تلعب دوراً أساسيا في الاستجابة الطارئة قصيرة المدى للوباء، من خلال تسهيل نقل السلع والمنتجات الحيوية، وبالتالي الحفاظ على الوظائف والتجارة الدولية والاقتصاد العالمي». مضيفا أن «الاتحاد من أجل المتوسط يشجع الشركاء الإقليميين على تبادل الممارسات الجيدة في مرحلة التعافي، حتى ننجح في نهاية الأمر في إبقاء سلاسل التوريد مفتوحة من خلال ضمان التدفق المستمر للتجارة البحرية، مع الحفاظ على صحة وسلامة ورفاهية مجتمع النقل البحري».
وصرح هيرفي مارتيل، رئيس رابطة موانئ البحر المتوسط والرئيس التنفيذي لميناء مارسيليا البحري، قائلاً: «يجب أن نتنبأ ونراقب عواقب هذه الأزمة، وأن نساهم في بناء الغد بتبني حلول مبتكرة جديدة وأكثر تكاملاً في حوض البحر الأبيض المتوسط بغية تعزيز التحول البيئي، والتجديد التنظيمي لسلاسل اللوجيستيات الإقليمية؛ لا سيما من خلال تطوير الطرق السريعة للخدمات البحرية والانتقال الصناعي، بما في ذلك نقل بعض الأنظمة الإنتاجية وإعادة توطينها، وأخيراً، تحسين المهارات والمؤهلات للتعامل مع كل هذه التغييرات».
وخلصت الندوة إلى أنه، مع الالتزام بحماية الصحة العامة، يتعين أن تظل الموانئ تعمل بكامل طاقتها وأن توفر كافة الخدمات المنتظمة، بما يضمن عمل سلاسل التوريد بشكل كامل. كما دعا الاجتماع الحكومات إلى دعم شركات الشحن والموانئ والنقل لتبني أفضل الممارسات.
وجدد المشاركون تأكيدهم أن نظام النقل البحري سيكون مستداماً فقط طالما أنه يوفر نقلاً آمناً وفعالاً وموثوقاً للبضائع في جميع أنحاء العالم، مع تقليل التلوث وزيادة كفاءة الطاقة إلى أقصى حد وضمان الحفاظ على الموارد. كما تم التأكيد على أن المرونة في القطاع البحري تعني أن الموانئ والمنظمات التي تعتمد عليها يمكنها التكيف مع الظروف المتغيرة، وعند تعرضها لاختلالات، تستطيع التعافي بسرعة واستئناف الأعمال بشكل أقوى من ذي قبل. علاوة على ذلك، لوحظ أن جائحة كوفيد - 19 يمكن أن تمثل فرصة للصناعة البحرية لتغيير الطريقة التي تعمل بها والمساهمة بفعالية في استحداث نظام أكثر مرونة.
وأكد باتريك فيرهوفن، المدير العام لرابطة الدولية للموانئ والمرافئ، أن الأزمة أثبتت بشكل مؤلم أن العديد من الموانئ ما زالت متخلفة عن التجارة الإلكترونية وتبادل البيانات، ولذلك يجب أن يكون تسريع الرقمنة على رأس الأولويات في حقبة ما بعد كوفيد - 19». فيما قال أولاف ميرك، مدير مشروعات الموانئ والشحن بالمنتدى الدولي للنقل، إنه يتعين على الحكومات توظيف هذه الأزمة لجعل النقل البحري أكثر مرونة واستدامة. ومن جانبه، شدد بول توريت، مدير المعهد العالي في الاقتصاد البحري، على الحاجة أولاً إلى فهم آثار الإغلاق لبناء خطة انتعاش للقطاع في الشهر المقبل.
فيما دعا جوليان أبريل (نيسان) غارسيا، مدير التسهيلات بالمنظمة البحرية الدولية الحكومات إلى الانتباه أنه «اعتباراً من منتصف شهر يونيو (حزيران)، سيتعين توفير رحلات طيران دولية لقرابة 150 ألفا من البحارة شهرياً لضمان إمكانية تغيير الأطقم». وتوقع مارك عساف، رئيس تنمية الموارد البشرية في شعبة التكنولوجيا واللوجيستيات بالأونكتاد، أن تكون سلاسل التوريد المستقبلية أقل حجما وأكثر تنوعاً وإقليمية، فضلا عن دعم عمليات النقل الخارج من خلال الأتمتة المتقدمة، والتي من شأنها تقليل تكاليف العمالة مع تعزيز الاتصال بالإنترنت.
بينما كشف كل من نيللي استيريو وسزيمون أوسيسلوسكي أن المفوضية الأوروبية أدخلت العديد من تدابير الإغاثة قصيرة المدى للحفاظ على تدفقات الشحن وعلى سلاسل التوريد، وحماية الأطقم وتخفيف الضغوط المالية الحالية على المشغلين الاقتصاديين، إلى جانب اتخاذ تدابير متوسطة إلى طويلة الأجل لدعم الانتعاش الاقتصادي وضمان التنمية المستدامة لصناعة النقل البحري في الاتحاد الأوروبي خلال السنوات القادمة.