إيران تشتري الحبوب مع تفاقم متاعبها الاقتصادية بسبب كورونا

ايكونومي 24
القمح
القمح

قال مسؤولون إيرانيون ومتعاملون إن إيران تهرع إلى شراء ملايين الأطنان من القمح والذرة وفول الصويا لتدعيم مخزوناتها، رغم تأكيدات الرئيس حسن روحاني بأن فيروس كورونا لن يهدد إمدادات المواد الغذائية للبلد الأشد تضررا بالجائحة في منطقة الشرق الأوسط.

كان روحاني أبلغ البرلمان في كلمة متلفزة عن تطورات أزمة الفيروس في 15 ابريل نيسان أن محاصيل الحبوب الإيرانية الوفيرة ستكفل إمدادات غذائية كافية للمواطنين حتى نهاية السنة الفارسية في مارس آذار 2021 لأن الجائحة لم تمس القطاع الزراعي.

لكن فورة الشراء غير المسبوقة تسلط الضوء على بواعث القلق في طهران من أزمة معروض محتملة في المستقبل إذا تسببت الجائحة في تفاقم صعوبات الاستيراد التي تواجهها إيران بالفعل.

حدت خطورة الوضع إيران إلى تغيير نهجها حيال شراء السلع الأولية، لتسعى إلى تعاقدات مباشرة — بدلا من طرح مناقصات عالمية — مع دور تجارة أصغر.

وأحجم مكتب روحاني ومكتب المتحدث الحكومي عن التعليق عندما اتصلت بهما رويترز.

وأبلغ مسؤول كبير بوزارة الزراعة، طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر، رويترز أن إيران بحاجة إلى استيراد أربعة ملايين طن من القمح و1.5 مليون طن من الشعير و700 ألف طن من السكر الخام وما بين أربعة وخمسة ملايين طن من الذرة في السنة الفارسية حتى مارس آذار 2021.

وقال المصدر ”هذه الأرقام قد تتغير بسبب التفشي،“ موضحا أن أهداف الاستيراد قد تنخفض إذا كبح المصدرون الإمدادات بسبب الفيروس، مما سيزيد صعوبة عثور إيران على الحبوب.

تحتدم المنافسة على السلع الأولية مع تحرك الحكومات لشراء المزيد من أجل دعم مخزوناتها، في ظل إغلاقات شاملة تكبح سلاسل الإمدادات وتفرض قيودا على الصادرات.

والغذاء والدواء وسائر المواد الإنسانية معفاة من العقوبات الأمريكية التي أعيد فرضها في 2018 بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع ست قوى عالمية، لكن السلطات تقول إن الخطوة تثني بعض البنوك الأجنبية عن أي معاملات إيرانية، حتى شحنات الأغذية.

وظهر تأثير العقبات المالية المرتبطة بالعقوبات جليا على قدرة إيران في شراء الأغذية أواخر 2019، عندما تكدس ما لا يقل عن 20 سفينة محملة بأكثر من مليون طن من الحبوب خارج الموانئ الإيرانية بسبب الفترة الطويلة التي استغرقتها عملية السداد.

أثبتت تلك الشحنات تراجع قدرة إيران على تدبير السلع الأساسية، وهو ما سيكون مبعث خطر سياسي لروحاني ورجال الدين الذين يحكمون إيران، في وقت يواجهون فيه ضغوطا مكثفة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكبح الأنشطة النووية والبرنامج الصاروخي لطهران.

وواجهت إيران بالفعل موجات من المظاهرات المشوبة بدوافع سياسية احتجاجا على سوء إدارة الاقتصاد وتفشي الفساد وندرة فرص العمل.

وترزح إيران تحت ضغط اقتصادي متنام في ظل استمرار عزلها عن أسواق المال العالمية ومواجهتها متاعب مالية جديدة تتمثل في انهيار أسعار الخام، فضلا عن الحصار الأمريكي المضروب على صناعتها النفطية.

ومن المتوقع أن يتعمق ركود الاقتصاد الإيراني في السنة المالية الحالية وأن تتراجع احتياطيات النقد الأجنبي إلى 73 مليار دولار بحلول مارس آذار، لتفقد نحو 40 مليار دولار في عامين، حسبما ذكره معهد التمويل الدولي في يناير كانون الثاني.

وقال مصدر تجاري في الشرق الأوسط ”ينتهجون نهجا جديدا للشراء لأن كبار اللاعبين ينأون بأنفسهم عن إيران.“

ويبدي معظم دور التجارة الكبيرة عزوفا عن إيران بسبب تأخيرات السداد ورسوم تأخر التسليم الكبيرة التي تحملوها نتيجة لفترات الانتظار الطويلة في الموانئ.

وقال المصدر التجاري سالف الذكر والذي له تعاملات مع إيران إن تركيز الحكومة أصبح ينصب على شراء معظم القمح والذرة عبر عقود خاصة بدلا من مناقصات الشراء الحكومية الرسمية، مع إبرام الصفقات مع شركات تجارة أصغر.

وقال إنهم يعدون التجار بدفع 90 بالمئة من القيمة قبل عبور السفن قناة السويس، مضيفا أن بنوكا من كوريا الجنوبية وروسيا والصين هي الأكثر انخراطا في تمويل الصفقات بدلا من البنوك التركية التي كان التعويل عليها أكبر في السابق.

وقال عندما سئل إن كان قلقا من تأخيرات في السداد على غرار ما حدث في 2019 ”ليست مشلكتي كيف يدبرون الأموال، لكنهم يفعلون.“

وقال ”العمل والسداد بهذه الطريقة أسهل لهم،“ مضيفا أن إيران تسعى حاليا لتوقيع عقود على 250 ألف طن من القمح و200 ألف طن من الذرة، بعضها للتسليم في مايو أيار، بتلك الطريقة.

وقال نيجل كوشنر، المدير التنفيذي لمكتب المحاماة البريطاني دبليو ليجال الذي له عملاء منخرطون في تجارة الحبوب مع إيران، إن مسارات لسداد مقابل المواد الإنسانية مثل الأغذية تبزغ من سويسرا والاتحاد الأوروبي ودول بها أموال إيرانية مجمدة - مثل كوريا الجنوبية - من الممكن استخدامها.

وقال ”كل هذه الخيارات ناجعة - ثمة مجال أوسع الآن لاستخدام مسارات السداد هذه مقارنة بما كان عليه الوضع لبعض الوقت.. المشكلة أن يعثر الإيرانيون على المال.“

وقال تجار حبوب أوروبيون إن المسؤولين في طهران أخطروهم أن أموالا إيرانية من مبيعات النفط مودعة في بنوك آسيوية، ومعظمها باليورو، يجري تحويلها إلى سويسرا حيث ستتوافر آلية سداد جديدة لواردات الحبوب قيد الإعداد حاليا.

وإذا أمكن السداد عبر بنوك سويسرية، يقول المتعاملون في دور التجارة متعددة الجنسيات إنهم سيستأنفون بيع أحجام كبيرة إلى إيران.