تحت شعار موازنة "مساندة النشاط الاقتصادي ودعم التنمية البشرية والإصلاح الهيكلي"، أصدرت وزارة المالية البيان التمهيدي لموازنة 2020/ 2021، وذلك للعام الخامس على التوالي.
وأكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، في بيان اليوم الإثنين، أهمية إصدار هذه الوثيقة التي تتضمن تحليل الاقتصاد العالمي والمتغيرات الاقتصادية العالمية والداخلية وتأثيرها على الاقتصاد المصري مع الأخذ في الاعتبار الإجراءات الحكومية لمواجهة تداعيات فيروس "كورونا" المستجد.
وقال إن البيان التمهيدي ما قبل الموازنة تبني رؤية متحفظة للغاية حول أداء الاقتصاد المصري، وهو ما يعكسه خفض توقعاتنا لمعدلات النمو للعام المالي المقبل إلى 4.5 %، مشيرا إلى أنه بالفعل هناك تكاتف لجميع مؤسسات الدولة حكومة وقطاع خاص ومجتمع مدني لتخطي الأزمة وسرعة التعافي للرجوع إلى التوقعات السابقة ولكن ذلك رهن تحسن الظروف العالمية وتجاوز أزمة فيروس "كورونا" على الصعيد العالمي.
وأضاف أنه لايزال مشروع الموازنة يفترض متوسط سعر برميل النفط بقيمة 61 دولارا مسترشدا بتوقعات صندوق النقد الدولي وعدد كبير من المؤسسات المالية الدولية المعدة والمنشورة في يناير 2020( وسيتم تحديث هذه الفرضية بعد وضوح الرؤية خلال الفترة المقبلة، وفي ضوء تراجع الأسعار العالمية للنفط بشكل كبير في مارس 2020).
وأشار إلى أن الوزارة تقوم بمتابعة أسواق النفط العالمية، عن قرب في ضوء آخر التطورات التي حدثت بعد اجتماع منظمة الأوبك في الأسبوع الثاني من مارس، الذي تسبب في إحداث تذبذبات عديدة في أسعار النفط العالمية، وأيضا في ضوء الاتفاق على تخفيض نحو 9,8 مليون برميل يوميا في شهري مايو ويونيو و8 ملايين برميل في شهري يوليو وأغسطس وموافقة الولايات المتحدة على خفض 3 ملايين برميل يوميا من إنتاجها، وهو ما سوف يرفع أسعار النفط.
وأوضح أنه تم إعداد موازنة 2020/ 2021 خلال الفترة من نهاية نوفمبر 2019 وحتى نهاية فبراير 2020 من خلال التفاوض مع كافة الجهات الموازنية (نحو 650 جهة موازنية)، بالإضافة إلى المصالح الإيرادية، وبالالتزام بالاستحقاقات الدستورية ومع الأخذ في الاعتبار بتقديرات الاقتصاد العالمي الصادرة من قبل المؤسسات الدولية ذات الصلة والتي صدرت في يناير 2020 على أن يتم تحديث هذه الافتراضات مرة أخرى في وقت لاحق فور قيام هذه الجهات بالإعلان عن ذلك.
ولفت إلى أن الوزارة قد ارتأت الإبقاء على تقديرات الموازنة، كما هي المرسلة لمجلس النواب الموقر في نهاية مارس 2020 (كما نص الدستور المصري) لحين وضوح الرؤية وإجراء أي تعديلات مطلوبة مرة واحدة.
وقال إن البيان التمهيدي ما قبل الموازنة، وثيقة مهمة أيضا لأنه يعكس أحدث توجهات السياسات المالية للدولة في العام المالي القادم وأهم الإجراءات الإصلاحية وأولويات الإنفاق العام وتعظيم الموارد والبرامج الاجتماعية وعدالة التوزيع، والتي يوضحها شعار الموازنة الجديدة، وهو مساندة النشاط الاقتصادي ودعم التنمية البشرية والإصلاح الهيكلي.
وأضاف أن مشروع موازنة العام المالي 2020/ 2021 يرتكز على إحداث الإصلاح الهيكلي الذي يمهد الطريق لقيادة القطاع الخاص قاطرة النمو الاقتصادي، ويضمن زيادة فرص العمل، وخاصة للشباب، وعدالة الحصول على فرص التنمية لتحسين دخول الأفراد من خلال مساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وتحسين الخدمات العامة التي يتلقاها المواطنون في كافة أقاليم مصر، والاهتمام ببرامج التعليم والصحة، بما يسهم في زيادة الإنتاجية والتشغيل وتحسين الحياة اليومية للمواطن، كما تستهدف الموازنة الارتقاء بأداء الجهاز الإداري للدولة المصرية ليتواكب مع التطور الاقتصادي والتكنولوجي عالميا.
وأشار وزير المالية إلى أن مشروع موازنة 2020/ 2021، الذي تم إعداده قبل اشتداد الأحداث الراهنة، يتضمن حزمة من الإجراءات لضمان استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية وتحقيق أهداف السياسة المالية للعام المالي المقبل والتي تركز على خفض الدين العام إلى 82.8 % من الناتج المحلي الإجمالي والحفاظ على فائض أولي بالموازنة العامة بنسبة 2 % من الناتج وخفض العجز الكلي إلى 6.3 % من الناتج المحلي الإجمالي مقابل مستهدف قدره 7.2 % بموازنة العام المالي الحالي.
وأوضح أن البيان التمهيدي يؤكد أيضا أهمية تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية وعدالة توزيع موارد الدولة ولذا ترتكز سياسة الحكومة خلال المرحلة المقبلة على زيادة معدلات النمو وخلق فرص عمل كافية، بالإضافة إلى تطوير ورفع كفاءة البرامج الاجتماعية ورفع معدلات الاستهداف، وتطوير وتحديث شامل للخدمات الأساسية التي يحصل عليها المواطن، فضلا عن استمرار تنفيذ عدد من المبادرات الوطنية الفعالة بالتعاون مع الوزارات المعنية.
ولفت إلى أن موازنة العام المقبل تركز على رفع كفاءة برامج دعم السلع الغذائية، والتوسع في برامج الدعم النقدي من خلال البرامج الضمانية الموجهة للفئات الأولى بالرعاية، وتشمل برنامجي تكافل وكرامة وبرنامج السلع التموينية ورغيف العيش لبطاقات التموين وغيرها من البرامج المستهدفة.
وأكد أن الحكومة رصدت زيادات غير مسبوقة لأهم قطاعات الإنفاق العام فقد ارتفعت مخصصات قطاع الصحة إلى 254.5 مليار جنيه بزيادة 78.9 مليار جنيه عن العام المالي الحالي، بالإضافة إلى تمويل مبادرات وزارة الصحة واستكمال تنفيذ برنامج التأمين الصحي الشامل ودعم التأمين الصحي الشامل لغير القادرين من أصحاب معاش الضمان الاجتماعي.
وأشار إلى رفع مكافأة أطباء الامتياز بالمستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومستشفيات جامعة الأزهر التي تصرف لهم خلال فترة التدريب "الامتياز" لتصبح 2200 جنيه شهريا بدلا من 400 جنيه، وذلك اعتبارا من خريجي كليات الطب دفعة ديسمبر 2019.
ولفت إلى أنه تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي فسوف تتضمن الموازنة الجديدة زيادة 75 في بدل أعضاء المهن الطبية الذي يصرف للأطباء وهيئات التمريض بتكلفة إضافية سنوية تصل إلى 2,25 مليار جنيه، ويصبح إجمالي قيمة هذا البدل أكثر من 5,25 مليار جنيه، وسوف يستفيد من هذا البدل أساتذة الجامعة في مستشفيات كليات الطب بالجامعات، إضافة إلى تأسيس صندوق للمخاطر لأصحاب المهن الطبية.
وأضاف أنه سيتم زيادة مخصصات التعليم بقيمة 46.9 مليار جنيه لتصل إلى 363,6 مليار جنيه وزيادة البحث العلمي بقيمة 7.5 مليار لتصل إلى 60.4 مليار جنيه، بالإضافة إلى استكمال تحسين دخول المعلمين والموجهين بمرحلة رياض الأطفال والصفين الأول والثاني الابتدائي ليصبح إجمالي ما خصص لموجهي ومعلمي التربية والتعليم والأزهر الشريف 1.5 مليار جنيه واستكمال تحسين دخول أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمراكز والمعاهد والهيئات البحثية ليصبح إجمالي ما خصص لهذا الغرض وبعض المزايا الأخرى المرتبطة بأداء الأعمال 1.6 مليار جنيه حتى موازنة العام الحالي.
وأوضح وزير المالية أنه سيتم زيادة الدعم المتعلق بالجانب الاجتماعي، والدعم النقدي (معاش الضمان الاجتماعي وتكافل وكرامة) بـ 2.7% ليصل إلى 19 مليار جنيه، مشيرا إلى تخصيص 84,5 مليار جنيه لمنظومة السلع التموينية ورغيف العيش.
وقال إن "مستمرون في إصلاح هيكل الأجور من خلال حزمة من الإجراءات التي تسهم في تحسين الأوضاع المالية للعاملين بالدولة"، حيث سيتم منح الموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية علاوة دورية بنسبة 7 من الأجر الوظيفي في 30 يونيو 2020 بحد أدنى 75 جنيها شهريا ودون حد أقصى، ومنح العاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية 12 من المرتب الأساسي في 30 يونيو 2020 بحد أدنى 75 جنيها شهريا ودون حد أقصى، وليس 10 ، كما هو معتاد كل عام.
وأشار إلى تحسين دخول الموظفين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة من خلال إقرار حافز شهري إضافي بفئات مالية مقطوعة وتمويل حركة الترقية للمستوفين اشتراطات الترقية في يوليو المقبل وتخصيص 1.5 مليار جنيه لترقيات الموظفين اعتبارا من 1/ 7/ 2020، بالإضافة إلى زيادة حد الإعفاء الضريبي من 8000 جنيه إلى 15000 جنيه، وهو ما يعني أن الدخل السنوى حتى 24 ألف جنيه معفي من الضرائب، واستحداث شريحة ضريبية منخفضة بقيمة 2,5 لأصحاب الدخول الأقل من 30 ألف جنيه سنويا، وتخفيض شرائح ضرائب كسب العمل لأصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة بتكلفة 4 مليارات جنيه؛ لتخفيف الأعباء عن المواطنين وذلك بزيادات في مخصصات الأجور بنحو 34 مليار جنيه.
وأوضح أنه سيتم زيادة المعاشات بنسبة 14 % من أول يوليو المقبل وبتكلفة سنوية تقترب من 31 مليار جنيه، ويتم تمويلها من قسط فض التشابكات المالية بقيمة 170 مليار جنيه، فضلا عن ضم العلاوات الخمسة لأصحاب المعاشات حيث سيتم إعادة تسوية معاش الأجر المتغير بإضافة نسبة 80 من العلاوات الخاصة غير المنضمة للأجر الأساسي لأصحاب المعاشات المنتهية خدمتهم اعتبارا من 1/ 7/ 2006 وحتى 30/ 6/ 2016، وذلك بتكلفة مقدرة بنحو 35 مليار جنيه للعام المالي 2020/ 2021، وتزيد بعد ذلك بمقدار الزيادة السنوية لتحسين الأوضاع المعيشية لأصحاب المعاشات وحل جميع مشكلات منظومة المعاشات المتراكمة عبر عشرات السنين.
وأشار إلى أنه سيتم دعم الإسكان الاجتماعي بـ 5.7 مليار جنيه، بالإضافة إلى مبادرات التمويل العقاري لمتوسطي الدخل، حيث تم تخصيص مبلغ 50 مليار جنيه يتم توجيهها للتمويل العقاري من خلال البنوك ولمدة حدها الاقصى 20 سنة بسعر عائد 10%.
من جانبه، قال أحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسي إن تقديرات البيان التمهيدي الموازنة تمت في ضوء الافتراضات السابقة قبل اشتداد أزمة فيروس "كورونا" المستجد وتأثيرها على معدلات نمو النشاط الاقتصادي ومن المتوقع زيادة الإيرادات بمعدل نمو أسرع من زيادة المصروفات، بما يسمح بتقليص نسب العجز والدين؛ حيث يتوقع ارتفاع جملة المصروفات العامة في 2020/ 2021 إلى 1713.2 مليار جنيه بمعدل نمو سنوي 8.8% مقارنة بموازنة العام المالي الحالي 2019/ 2020.
وأضاف أن البيان التمهيدي يتوقع ارتفاع الإيرادات بمشروع الموازنة العامة لعام 2020/ 2021 إلى 1288.8 مليار جنيه بمعدل نمو 13.6% مقارنة بموازنة العام المالي الحالي 2019/ 2020، وهو ما يقوم على استمرار سياسات الإصلاح المالي والتي تركز على تحسين أداء الإدارة الضريبية ورفع كفاءة التحصيل الضريبي وتحقيق العدالة الضريبية، وإقرار نظام جديد لضريبة "كسب العمل بشكل تصاعدي لتحسين الشرائح الضريبية وتخفيف الأعباء عن المواطنين.
وأشار إلى أن سياسات الإصلاح تتضمن أيضا تعظيم العائد على أصول الدولة من خلال تبني سياسات تسعير سليمة، والتوسع في الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى التركيز على إصلاح الهياكل المالية لرفع كفاءة الهيئات الاقتصادية وقطاع الأعمال العام، بما يضمن تحقيق عائدات مناسبة عن الخدمات التي تقدمها تلك الهيئات.
من جانبها، أشارت سارة عيد رئيس وحدة الشفافية والمشاركة المجتمعية التابعة لوزارة المالية إلي أن البيان التمهيدي يتم إعداده ونشره أواخر شهر مارس أو أوائل شهر أبريل من قبل وزارة المالية – وحدة الشفافية والمشاركة المجتمعية، وذلك لعرضه أمام الرأي العام بهدف المشاركة المجتمعية الفعالة في عملية إعداد مشروع الموازنة العامة، وهى في الأساس حق أصيل لكل مواطن مصري، حيث تستهدف الوزارة من نشر هذا البيان التمهيدي ماقبل الموازنة، إشراك المواطنين في حوار مفتوح حول أولويات السياسة المالية، وذلك فور موافقة مجلس الوزراء على مشروع الموازنة وفي نفس وقت إرسال مشروع الموازنة للبرلمان.
وأضافت أن البيان التمهيدي يعرض رؤية الوزارة لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل، ويوضح توجهات الحكومة وسياساتها التي سيعكسها مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد، وأهم البرامج الاجتماعية والإجراءات الإصلاحية المقرر تنفيذها، كما يعرض الإطار الاقتصادي (المحلي والخارجي) وأهم الافتراضات التي بنى عليها مشروع الموازنة الجديدة خاصة في ضوء الأحداث والتداعيات الأخيرة، بالإضافة إلى تحليل للسياسات المحققة في السنوات السابقة ونتائجها وإلقاء الضوء على نظرة مستقبلية على تقديرات الموازنة العامة في المدى المتوسط .
وأوضحت أنه سيتم التركيز على الإصلاحات الهيكلية والتي من شأنها ضمان استمرارية استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي وبما يمكن المؤسسات الحكومية من الاستغلال الأمثل للموارد، وذلك بعد إتمام المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي بنجاح، والتي ركزت بشكل أساسي على تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وقالت إن البيان التمهيدي يختلف عن البيان المالي للموازنة العامة للدولة في كونه يقدم شرحا مبسطا لبرنامج الحكومة مع رصد أهم التحديات المالية، واستعراض أهم السياسات المالية والاقتصادية المقترحة ومقارنة بالبيان المالي والذي يعرض وبشكل أكثر تفصيلي بنود الموازنة المختلفة على السلطة التشريعية.
وأضافت أن البيان التمهيدي يعد إحدى الأدوات الفعالة للتواصل المجتمعي وفتح قنوات للحوار الدائم مع كافة أطياف المجتمع حول أحدث توجهات السياسة المالية للدولة، حيث إن مشروع الموازنة يعكس أولويات وخطة الحكومة بأكملها لأولويات الإنفاق والموارد خلال العام المالي الجديد، فضلا عن أنه يفتح الباب أمام المزيد من الإفصاح والمشاركة المجتمعية الفعالة فيما يخص عملية إعداد مشروع الموازنة العامة.
وأشارت إلى أنه يتم عرض هذا البيان أمام الرأي العام من خلال عقد مؤتمرات وورش عمل بالإضافة إلى نشره على الموقع التفاعلي الخاص بوزارة المالية، ويساعد ذلك في رفع ترتيب مصر عالميا في مؤشر شفافية الموازنة.