لم تكد أسواق العالم تلتقط أنفاسها من تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حتى أصابتها عدوى الفيروس الصيني الجديد، الذي أصبح أكثر فتكا وانتشارا حول العالم، مشعلا نزيف خسائر في الأسهم والسلع، تعد الأسوأ منذ بداية 2020، وسط مخاوف من تحوله إلى وباء شبيه لوباء "سارس"، الذي حصد مئات الأرواح ما بين عامي 2002 و2004.
فعلى صعيد الأسهم، شهدت المؤشرات الأمريكية موجة تراجعات ممتدة خلال جلسات الأسبوع الماضي، حيث انخفض مؤشرها "ستاندرد آند بورز"، بنسبة 1% مسجلا أسوأ أداء له منذ شهر أكتوبر الماضي، وتراجع "داو جونز"، مؤشر لأكبر 30 شركة صناعية، 100 نقطة في ختام تعاملات الأسبوع، تزامنا مع الإعلان عن ثاني إصابة مؤكدة بالولايات المتحدة، كما هبط مؤشرا ناسداك بنحو 0.2% و"إس وبي 500"، الذي يشمل أسهم أكبر 500 شركة مالية أمريكية، بنسبة 0.4%.
ونقلت وكالة "بلومبرج" عن مايكل أورورك، رئيس استراتيجية السوق لدى مجموعة "جونز تريدينج" قوله: "موجة التراجعات التي تشهدها الأسواق العالمية، هي رد فعل تجاه الأنباء المنتشرة حول تفشي فيرس كورونا المميت واستيعاب المستثمرين لحجم المخاطر الجمة الذي قد ينجم جراء اتساع رقعة العدوى ودرجة خطورتها".
وفي أوروبا، حيث تم تأكيد ظهور أولى الإصابات بفيروس "كورونا" بفرنسا، التي أعلنت رصد حالتين في العاصمة "باريس"، وحالة إصابة ثالثة بمدينة "بوردو" جنوب غربي البلاد، سجلت البورصات الأوروبية أكبر خسائرها الأسبوعية، حيث هبط مؤشر "يورو ستوكس 600 الأوروبي 0.7 % يوم الخميس الماضي في أسوأ جلساته منذ بداية العام، وتكبدت أسهم الشركات المنكشفة على الصين مثل شركات التعدين والطيران والفنادق والسلع الفاخرة خسائر حادة.
وعلى الصعيد الأسيوي، هوت الأسهم الصينية 3 % لتقود سائر البورصات الآسيوية صوب الانخفاض، فتراجع مؤشر "شنجهاي" الصيني بنسبة 2.75 كما انخفض مؤشر "هانج سينج" بنسبة 1.25 % وهبط مؤشر "شينزن" 3، وسجل "نيكي" الياباني تراجعا 0.98%.
وفيما يتعلق بأسواق السلع، سجلت أسواق النفط العالمية أسوأ أداء سنوي له وسط عمليات بيع مكثفة تحت ضغط مخاوف تأثر معدل الطلب العالمي على الخام سلبا مع انتشار العدوى، لتتراجع أسعار العقود الآجلة لخام برنت أكثر من 2 % وتنخفض عقود الخام الأمريكي 1.5 %.
وتوقعت مؤسسة "جولدمان ساكس" تراجع الطلب العالمي على الخام بمقدار 260 ألف برميل يوميا في 2020 نتيجة انتشار فيرس "كورونا" ومن ثم انخفاض الأسعار بواقع 90ر2 دولار للبرميل.
وأوضحت أن انتشار الفيروس الجديد أشعل فتيل المخاوف في الأسواق العالمية لاسيما وأن توقيت ظهوره يتزامن مع استعدادات مئات الملايين من الصينيين للقيام برحلات سواء في الداخل أو الخارج بمناسبة حلول عطلة رأس السنة القمرية.
وأشارت إلى أن درجة تأثر الطلب العالمي على النفط، ستعتمد على مدى سرعة انتشار العدوى الوبائية ودرجة خطورتها، موضحة أن تحركا سريعا وقويا من قبل السلطات الصينية قد يقلل من حجم الضبابية والسلبية الغالبة على الاقتصاد العالمي.
كما لم يسلم "الذهب" من عدوى "كورونا"، حيث سجلت أسعار المعدن النفيس عدة تراجعات على مدار جلسات الأسبوع الماضي، بفعل مخاوف تفشي الوباء عالميا، لكنه يظل أقل المتضررين عالميا مع الحفاظ على مكانته كملاذ آمن يستعيض به المستثمرين عن الأصول المحفوفة بالمخاطر.
وأعلنت الصين صباح اليوم ارتفاع عدد وفيات "كورونا" إلى 41 شخصا، و1297 حالة إصابة مؤكدة ، بينها 237 إصابة في حالة حرجة، فيما ذكرت اللجنة الوطنية للصحة أنه تم تسجيل 1965 حالة يشتبه بإصابتها بفيروس كورونا الجديد، وجار التأكد من إصابتهم بالفيروس من عدمه.
وأعلنت عدد من دول العالم وقوع أول حالات الإصابة بالفيروس الصيني من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وماليزيا وأستراليا بالإضافة إلى اليابان وتايلاند وتايوان.