قال رئيس مؤسسة (كيميت بطرس بطرس غالي للسلام والمعرفة) ممدوح عباس، إن مصر خطت خطوات مهمة على صعيد تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها العصري، ورفعت من معدلات النمو الاقتصادي بشكل متدرج وناجح من خلال سياسات متكاملة للإصلاح الاقتصادي والتي رافقها إجراءات للحماية الاجتماعية.
وأضاف عباس في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لندوة (دولة القانون) التي ينظمها المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة بطرس غالي اليوم الثلاثاء، أن الدولة المصرية اهتمت بتطوير منظومتها التشريعية لتحقيق العدالة الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية، مشيرا إلى أن النجاحات التي تحققت هي خطوات من مسار طويل، وهو مسار يحتاج لتراكم مستمر لتلبية أهداف التنمية المستدامة.
وأكد أن العمل من أجل تحقيق التنمية والتقدم يمر عبر ضمان السلم والاستقرار، وسيادة القانون وتعزيز الحريات وضمان الوصول للعدالة وترسيخ المواطنة، وذلك بهدف تقوية القدرة على مواجهة العنف والإرهاب والتطرف والفساد والاستغلال والتمييز، ومكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود التي يتسع نطاقها اليوم ليشمل جرائم الإرهاب والمخدرات وغسل الأموال والاتجار بالبشر.
وأوضح عباس أن العمل على تحقيق التنمية المستدامة يتطلب أيضا التأكيد على أهمية سياسات حماية البيئة والموارد الطبيعية، ومواجهة الأخطار الجسيمة المترتبة على التغيرات المناخية، والتداعيات الاجتماعية للتطور التكنولوجي المتسارع.
وأشار إلى أن ترسيخ الخطوات الناجحة وضمان استدامة النجاح يتطلب بالتوازي تسريع وتيرة تعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان، بما يؤمن النجاحات الخاصة بالمواطنة، ويدعم نمو الاستقرار الوطني من خلال العمل من أجل العدالة والمساواة.
وشدد ممدوح عباس على أن موضوع هذه الندوة ينال اهتمامًا بالغًا من مختلف الهيئات في الدولة والمجتمع، وذلك لما يمثله القانون منقيمة سامية في بناء الدولة الوطنية الحديثة، وفي تنظيم العلاقات والمعاملات بين الأفراد.. مؤكدا أن القانون هو القاعدة التي يستند عليها مبدأ المواطنة، وقيم المساواة والسلم الاجتماعي، وهو الذي يضمن الحقوق والواجبات المتساوية بين المواطنين، ويطلق طاقاتهم وإبداعاتهم في كل مجال.
وقال إن القانون يبتغي مقاصد رئيسية تتمثل في حماية الحقوق والحريات، وتحديد الواجبات، وتلبية متطلبات العدالة وتحقيق الإنصاف، وحماية المصالح المشتركة للمجتمع، ويتأسس مبدأ سيادة القانون على أن يضع القانون هيئة تختص بالتشريع وفق المبادئ التي تحكم القواعد الكلية للقانون وباتساق مع الدستور.
وأعرب عباس عن اعتزاز (مؤسسة كيميت) اعتزازاً كبيراً بالإسهام المتميز الذي قدمه الدكتور بطرس في كل المواقع الوطنية والإقليمية والدولية التي تقلدها في تعزيز القانون والعدالة واحترام حقوق الإنسان؛ خاصة في الفترة التي قاد فيها منظمة الأمم المتحدة .. مشيرا إلى دوره في الدعوة لانعقاد المؤتمر العالمي الثالث لحقوق الإنسان في فيينا عام 1993، وإطلاق آليات العدالة الجنائية الدولية عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في كل من يوغوسلافيا ورواندا، وانحيازه لمعايير عادلة في التصدي لجرائم الحرب على نحو ما جرى في جريمة قانا بلبنان في عام 1996.
ولفت إلى قيادة الدكتور بطرس غالي لدفة المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ تأسيسه في عام 2004، ووضع حجر الأساس لأنشطته وعلاقاته مع السلطات الرسمية، ولصورته لدى الرأى العام، وخصوصًا إسهامات المجلس التشريعية في موضوعات المواطنة والمرأة والعدالة الاجتماعية.
وقال عباس "إننا نؤمن بأن سيادة القانون والتنمية المستدامة هما وجهان لعملة واحدة، وأنهما يترابطان ترابطاً كبيراً وعضوياً، ويُعزز أحدهما الآخر، فالمجتمعات التي تقوم على أساس القانون توفر البيئة الحاضنة لمسار التنمية المستدامة من خلال إتاحة العدالة للجميع، وإيجاد مؤسسات فعالة للرقابة والمساءلة، وتعزيز الشفافية والنزاهة".
وأشار رئيس مؤسسة بطرس غالي ممدوح عباس إلى أن المؤسسات الدولية، ومنها مؤسسات التمويل والكيانات الاقتصادية الدولية، تتفق على كون الافتقار إلى العدالة يُشكل مدخلاً للفقر وركيزة لاستمراره، وتؤكد أن تحسين أداء مؤسسات العدالة هو ركن مهم في تحسين الأداء الاقتصادي، وأن ضمان العدالة بصورها وجوانبها المتنوعة يؤدي لتحسين مناخ الاستثمار بما في ذلك جذب الاستثمار الأجنبي وتنشيط الاستثمار المحلي.
وأضاف أنه وفق نظم عمل هذه المؤسسات، يمتد ذلك المفهوم إلى حماية حقوق الإنسان سواء على صعيد ضمان وحماية الحقوق والحريات في جوانبها المدنية والسياسية، وكذلك ضمان المساواة وتكافؤ الفرص ونبذ أوجه التمييز في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ وأنه لا يمكن تحقيق العدالة وضمان سيادة حكم القانون دون احترام وحماية حقوق الإنسان، وذلك لتوفير الأساس لنمو اقتصادي ملموس وتنمية مستدامة شاملة.